تملك القهوة عشاقاً كثر حول العالم، وتُعتبر المشروب المفضل لدى الكثيرين. ولربما أكثر ما يميز هذا المشروب، هو اختلاف طرائق تحضيره ونكهاته من دولة إلى أخرى، فضلاً عن اختلاف مكوناته ومصادره.
وتُعتبر المقاهي الشهيرة، مثل ستاربكس وعملاق القهوة الشمالي Espresso House، من أكثر الأماكن زيارةً لمحبّي القهوة حول العالم. وقد تم إدراج بعض الدول، مثل السويد وفنلندا وغيرها، من أكثر الدول استهلاكاً للقهوة في العالم.
وتجدر الإشارة إلى أن أغلى قهوة في العالم يتم صنعها في إندونيسيا، وتشتهر بكثرة في الولايات المتحدة الأمريكية وشرق آسيا. ويبلغ سعر الكوب الواحد منها 50 دولاراً، أي أكثر من ألف دولار للكيلو غرام الواحد. ويُعد براز حيوان الزباد المصدر الرئيسي لها.
يُعتبر حيوان الزباد من الثديّات، ويتميز بطول ذيله، وشبهه الكبير بالراكون، فضلاً عن وجود خطوط وبقع على جسده. يُذكر أن حيوان الزباد يلعب دوراً مهماً في السلسة الغذائية، إذ يعتمد في غذائه على الحشرات والزواحف الصغيرة، إضافة لتناوله الفواكه، مثل حبوب البن والكرز والمانجو. ومن الجدير بالذكر أن الزباد يُشكل غذاءً لحيوانات مثل الفهود والتماسيح والثعابين الكبيرة.
ووفقاً لموقع ناشيونال جيوغرافيك، أصبح هذا الحيوان يُشكل ثروةً كبيرةً، بعد عقود كثيرة من اعتباره من الآفات والقوارض المؤذية. وقد دفع ارتفاع سعر قهوة الزباد، التي تسمى "كوبي لواك"، المزارعين والسكان المحليين لحمايته من أجل الحصول على روثه الثمين. ويُذكر أن أنزيمات الهضم عند الحيوان تعمل على تغيير بنية البروتينات في حبوب البن التي يتناولها، ما يُساعد في إزالة بعض الحموضة منها، وإضفاء نكهة خاصة على القهوة.
هذا واكتسبت قهوة "كوبي لواك" شعبيةً كبيرةً في إندونيسيا، لا سيما بعد النمو السياحي الذي شهدته البلاد في الآونة الأخيرة، إذ يأتي الكثير من السياح لرؤية عملية إنتاج القهوة الشهيرة، حيث يتم الاحتفاظ بحيوانات الزباد داخل أقفاص، ويتم صنع القهوة من حبوب البن التي يتم جمعها من فضلات هذه الحيوانات، التي تعتمد في غذائها بشكل رئيسي على حبوب البن من نبات أرابيكا وروبوستا، أو أي نباتات قهوة متاحة.
ولصناعة هذه القهوة، يتم جمع الفضلات وغسل حبوب البن وتحميصها، ومن ثم طحنها وتخميرها. ويعود سبب غلاء هذا النوع من القهوة إلى تناول حيوان الزباد لحبوب البن الأكثر نضجاً، فضلاً عن تخمّرها في جهازه الهضمي، حيث تستغرق عملية الهضم بين 24 إلى 36 ساعة، تقوم فيها الأنزيمات بتفكيك البروتينات، ما يؤدي إلى تغيير مذاق حبوب البن وتركيبها الكيميائي.
وقد ذكرت صحيفة the guardian أن انتشار المزارع المتخصصة في تربية هذا الحيوان، أدى إلى انخفاض أسعار هذا النوع من القهوة في الآونة الأخيرة. إلا أن هذه المزارع تتعرض للعديد من المسائلات القانونية من قبل منظمة حقوق الحيوان بسبب ما يتعرض له حيوان الزباد داخلها. وحسب ما ذكرت ناشيونال جيوغرافيك، عثرت المنظمة في هذا المزارع المتخصصة على عدد كبير من الحيوانات في حالة صحية غير جيدة بسبب النظام الغذائي غير المتوازن.
هذا ويُقال أن قهوة كوبي لواك صالحة للاستهلاك البشري، إذ يتم القضاء على الجراثيم أثناء عملية الغسيل والتحميص. إلا أن أحد المقالات في مجلة time ، ذكر أنه من الممكن لبعض الفطريات أن تنمو بسبب هذه القهوة، إذ لا توجد أدلة كافية عما تناوله حيوان الزباد، إلى جانب حبوب البن، وخاصة خلال الليل. الأمر الذي يجعل التأكد من خلو القهوة من المواد المضرة بعد الغسل والتحميص، أمراً صعباً. كما أن صحة الحيوان وحالته النفسية تؤثر بشكل كبير على جودة الحبوب.
تجدر الإِشارة إلى أن أول من شرب قهوة الزباد كان عمّال المزارعين في آسيا، الذين لم يسمح لهم بصنع قهوتهم من حبوب القهوة المعالجة، ما دفعهم إلى جمع براز حيوان الزباد البري وتحميصها، ومن ثم طحنها لشرب القهوة. ويعود الإقبال الكبير عليها، في الوقت الحالي، إما لمفاخرة البعض تناولهم أغرب نوع من القهوة في العالم، أو لاحتوائها على نسبة أقل من الكافيين، وتمتعها بمذاقٍ أقلّ مرارةً من القهوة العادية.
المصدر: أكتر