رغم كلّ الأزمات الضاغطة، شاءت الصحافيّة اللبنانية الزميلة زكيّة النّكَت أن تُواجه مرض السرطان بقوّة وعزيمة، متخطّية كل العقبات التي كانت تعترضُ طريقها.
حقاً، كانت معركةُ زكية "ذكية" جداً ضدّ "الخبيث"، فتمكّنت من إلحاقهِ بهزيمةٍ شديدة بقوّة إيمانها وصلاتِها ودعمِ أحبّائها. أمّا الأمر الأهم فكان في مسار العلاج الذي تم اتخاذه رغم شدّة المرض وسرعةِ انتشاره.. وحتماً، كان الدربُ صعباً، لكن "الزكيّة" كانت أكثر صلابةً وأسرعَ من انتشار الورم، وأكثر قوّة من أي شيء يُمكن أن يُتعبها.

في إطلالة تلفزيونيةٍ لها بمناسبة شهر "أكتوبر الوردي"، شاءت النّكت أن توجّه الرسالة تلو الرسالة لكلّ سيدة يمكن أن تواجهَ مرض "سرطان الثدي".. ومن دونِ أي مُنازع، من يستمع إلى كلام "الزكيّة" سيأخذ الأملَ الكبير، وسيعلم حقّ المعرفة أنّ ما من شيء مُستحيل.
في حديثها، كشفت النكت أنه بعد 21 عاماً على الزواج، قرّرت الانفصال بحريّة.. وبعد تاريخ تحقيق مُرادِها بالطلاق، تمّ إبلاغها أنها مُصابة بسرطان الثدي، وتقول: "كنتُ مصابة بأشدّ نوع، حتى إنه كان من الأنواع التي تنتشرُ بسرعة والعلاج المرتبط به ما زال يخضع للتجارب".
ولفتت النكت إلى أنه "قبل 11 شهراً من علمِها بالإصابة، خضعت لصورةٍ خاصة بسرطان الثدي، لكنه لم تكُن مصابة بأي ورم"، وتقول: "هنا كانت المفارقة، ولهذا تكمن الرسالة الأساس في التالي: أدعو كلّ سيدة لعدم تأجيلِ إجراء صورة الثدي.. يجب عليها أن تُجري كل شهرين".

وسط كل المعاناة المرضية، حاربت "الزكيّة" بإرادةٍ صلبة، مؤكدة أن "الفرح هو مفتاح العلاج والمهد نحو الشفاء"، وتابعت: "الصلاة مهمة جداً لأنها تقلب الموازين والنتائج. أما أولادي وأصدقائي فكانوا إلى جانبي دائماً.. كنتُ بحاجة لإتحاد بالصلاة واتحاد بالقوة.. خضعت للعديد من جلسات العلاج الكميائي، وكان لديّ إصرار على إجراء كل الفحوصات المطلوبة وأكثر من المطلوبة حتى لكي أسابق المرض وأقضي عليه بشكل أسرع".
خلال رحلة العلاج، تعرّفت نكت على زوجها الجديد، مشيرة إلى أنها "التقت به في روما خلال فترة سعيها للانفصال"، معتبرة أن "ما حصل معها في رحلة المرض قد يكونُ سبباً لوصولها إلى زوجها الجديد الذي رأته في ظلّ العلاج".
وتختم: "أقول لكلّ سيدة: لا تنتظري.. بادري فوراً إلى العلاج.. إذهبي إلى أكثر من طبيب، وكوني متأكدة أن الانتصار قريب.. الأهم في كل ذلك هو المبادرة السريعة، وحقاً سيكون الشفاء قائماً وبقوّة".
تكاليف باهظة
في لبنان، باتت كلفة الفحوص والصور لمرحلة الكشف المُبكر باهظة جداً وتتراوح بين 60 و 120 دولاراً، وإذا كانت المريضة تحتاج لدفعها بالليرة، فستكون التكلفة وفقاً لسعر السوق. ولهاذا، فعلياً، فإن التكلفة تصل إلى 5 ملايين ليرة، وهذا مبلغ لم يعد بمتناول الكثيرات، وفق ما يقول هاني نصار، رئيس جمعية باربرا نصار.
وعملياً، فقد أدت هذه "التكاليف الباهظة" إلى تراجع كبير في نسبة الكشف المبكر عن السرطان، علماً أنه في السابق كانت نسبة النساء اللواتي يُجرين الفحوصات تتراوح بين 80 و 90%. وكاستنتاج لما يفرضه الواقع، يقول نصار: "كل ذلك يعني أننا بتنا نرى في العيادات نساء يأتين لأنهن شعرن بوجود كتلة ما، وهذا يعني أننا بتنا أمام مراحل متقدّمة تحتم العلاج".
ولا ينتهي مسار العلاج عند الجراحة، وإنما يُستكمل بخطوات أخرى تبعاً لمراحل تطوّر المرض. وفي الغالب، تُستتبع العملية الجراحية بالعلاجات الكيميائية التي تخضع لها المريضة في المستشفى. وفي الواقع، فإن صعوبة هذه المرحلة لا تتوقف عند حدود التكلفة الباهظة التي باتت تُحتسب بعشرات ملايين الليرات على كل جلسة، وإنما أيضاً في توفر تلك العلاجات.
أما في الأدوية الخاصة بسرطان الثدي، تُقسّم العلاجات إلى نوعين: العلاجات التي تؤخذ في المستشفى ويقارب عددها الـ15 دواءً، والعلاجات التي تؤخذ في البيت وهي بحدود 10 أدوية. ويمكن الجزم أن ما يقرب من 80% من هذه الأدوية غير متوفر، بإجماع أطباء كثر.
أما النتيجة؟ فهي قيام الكثير من الأطباء بتعديل الوصفة الطبية بدواء قد يكون أقلّ فعالية في حين يلجأ المريض "التقشّف" في تناول الأدوية. فبدلاً من أن تتناول المريضة مثلاً أربع حبات في اليوم تتناول اثنتين، أو في الكثير من الأحيان استيراد الدواء من الخارج مع ما يحمله هذا الأمر من مخاطر "قد تُترجم في تزوير بعض الأدوية".
الزميلة زكية النكت:

المصدر: خاص "لبنان 24"