هبوط مفاجئ للدولار مقابل الليرة واسئلة عن الخلفيات وارتباطها بنهاية العهد
حجم الخط
صدر تعميم لافت لمصرف لبنان، نتج عنه هبوط بسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية.
وكتبت" الاخبار": ينطوي التعميم على إقرار ضمني بأن مصرف لبنان كان ينافس الآخرين في سوق القطع، إذ كان يشتري الدولارات مهما كلّفه الثمن. وهذا الأمر كان سبباً رئيسياً وراء ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة. أيضاً يقول البيان إنه سيتوقف عن القيام بذلك اعتباراً من يوم الثلاثاء، أي أن عمليات الشراء ستتواصل يوم الاثنين. وبما أن البيان أدّى مفاعيله المتوقعة منه لخفض السعر بضعة آلاف ليرة خلال ساعتين، وربما يكون الانخفاض صباح الاثنين أكبر بعدما تهافت الناس على بيع دولاراتهم متوقعين انخفاض السعر، فإن مصرف لبنان سيواصل شراء الدولارات يوم الاثنين بالسعر الأرخص.
اما في أصل البيان، فإن المسألة الأساسية تكمن في المادتين في قانون النقد والتسليف 75 و83. إذ إن الأولى تمنح مصرف لبنان صلاحيات واسعة لتأمين ثبات القطع من ضمنها العمل في السوق بالاتفاق مع وزير المال مشترياً أو بائعاً ذهباً أو عملات أجنبية، على أن يقيد العمليات في حساب خاص يسمى «صندوق تثبيت القطع»، والثانية تتيح للمصرف بشكل استثنائي وبالاتفاق مع وزير المال شراء العملات الأجنبية من الجمهور وبيعها منه.بهذا المعنى، فإن مصرف لبنان كان يشتري الدولارات من الجمهور (عبر المؤسسات المالية بما فيها الصرافون) بالاتفاق مع وزير المال، وهو اليوم سيتوقف عن ذلك. لم يقل إنه سيضخ الدولارات لخفض السعر، إنما أشار في الشق الثاني من بيانه الى أنه سيواصل تطبيق ما نصّ عليه التعميم 161 لجهة الاستمرار في تمويل عملية تحويل معاشات القطاع العام إلى الدولار الأميركي بحسب منصّة صيرفة، وإتاحة السحوبات ضمن سقف 400 دولار لأصحاب الحسابات المصرفية بحسب منصّة صيرفة أيضاً، فضلاً عن أنه سيواصل ضخّ السيولة بالليرة عبر التعميم 151 (سعر الدولار المصرفي 8 آلاف ليرة)، والسيولة بالليرة والدولار بحسب التعميم 158 (ينص التعميم على سحب 400 دولار نقداً من الحسابات، و400 دولار تدفع بالليرة على سعر 12 ألف ليرة نصفها مخصصة للاستعمال بواسطة البطاقات المصرفية).
واعتبرت مصادر اقتصادية لـ"البناء" ان تعميم الحاكم سيمنح المضاربين تحقيق الأرباح على حساب اللبنانيين، معتبرة أن الأمور لن تنتظم اذا لم تنظم عملية العرض والطلب، والخوف يكمن في استنزاف جديد للمواطنين ولقدرتهم الشرائية ومدخراتهم. وسألت المصادر هل ستنهار الأسعار مع الدولار ام أنها ستبقى على حالها، مع توقع المصادر أن سعر منصة صيرفة سينخفض في الايام المقبلة. في المقابل ثمة رأي مصرفي رأى أن تعميم سلامة سيستتبع بضخ المزيد من الدولارات عبر منصة صيرفة، لكنه بالطبع سيتوقف عن شرائها من السوق، معتبرة أن تدخل البنك المركزي من خلال تعاميمه نجح مرة جديدة في إلحاق هبوط كبير بالدولار في السوق الموازية.
ونقلت "نداء الوطن" عن مصدر مطّلع، "تعود سياسة شراء الدولارات التي كانت متّبعة، لحاجة مصرف لبنان لتمويل مصاريف الدولة بالدولار لا سيما الرواتب والأجور والمساعدات الاجتماعية لموظفي القطاع العام بمن فيهم العسكريون والمتقاعدون، ودعم بعض الادوية والقمح وغيرها من مستحقات مترتبة للدولة وذلك من دون المس بالاحتياطي الالزامي، إلا ان كميات الدولارات التي حاز عليها زادت عن حاجته أخيراً لتلبية ما ورد في الموازنة من زيادة ضعفي الراتب، من هنا قرّر وقف شراء الدولارات وحصر عملياته ببيعها من خلال "صيرفة" حتى إشعار آخر".
وهذا التدبير بحسب المصدر "سيزيد من عرض الدولار، ومنطقياً سيؤدي الى خفضه ولكن لا احد يمكن أن يتنبأ كيفية تحرّك السوق وحجم الانخفاض الذي سيسجّل. ولا يمكن التأكيد أنه سيصل الى 30 ألف ليرة كما يتمّ الترويج له". ولكن ردّة فعل الناس الطبيعية على هذا التراجع ستبرز اليوم من خلال الإقبال على صرف ما بحوزتها من دولارات، بغية الإستفادة من سعره المرتفع قبل ان يسجّل مزيداً من التراجع، ما سيزيد من قيمة انخفاضه في تداولات اليوم.
ولكن في ظل مسار الدولار الصعودي وتلاعب المضاربين بالسوق، مهما زاد عرض الدولار، فسعر الصرف لن يحافظ على تراجعه لفترة طويلة، ويقول المصدر إن "الانخفاض الحقيقي للدولار لن يتم قبل البدء باصلاحات جذرية ووضع خطة واضحة وعادلة لاعادة اموال المودعين، وبدء الاصلاح بالتوافق مع صندوق النقد الدولي. من دون اغفال اهمية انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتواجد الأمل باستعادة الثقة، وهي الاساس في إحراز انخفاض مستدام في سعر صرف الدولار".