وإذا كانت لحظة انتهاء عهد عون هي الأكثر انتظاراً بالنسبة لمختلف الأطراف السياسية، فإن ما قد يترافق معها من نتائج قد يُقلل الكثير من الضغط السياسي على الحريري في حال قرر العودة، وبالتالي فإن التسويات القادمة قد تفتحُ الباب أمام انطلاقةٍ جديدة شرط أن تكونَ بعيدة عن "تكبّد الخسائر بسبب تسويات قد تكون على حسابه الشخصي فقط".
وبمعزلٍ عن أي أمرٍ آخر، قد تُمهّد تسوية "الرئيس التوافقي" التي يجري الترويج لها في الآونة الأخيرة، طريقاً واضحاً للحريري باتجاه العودة، وقد يكونُ وصول رئيسٍ "موثوق به" عربياً ودولياً خطوة أساسيّة تؤسّس لاستقرار الحريري مُجدداً على درب السياسة وذلك لسبب واحد لا لُبس فيه، وهو أن المرحلة الجديدة بحاجةٍ إلى استقرارٍ وتعزيز من قبل الجميع، من أجل أرضية سليمة في لبنان تُمهد لانتعاش قادم. وعليه، فإن "نفور" أي طائفة أو استضعافها، وتحديداً الطائفة السنية، قد يؤدي إلى "تزعزع" اتفاق الطائف الذي يتمسك به جميع الأفرقاء من دون استثناء، وبالتالي "انكسار الانتعاش" المُرتقب، وهذا ما لا يُراد أميركياً وفرنسياً ولا حتى عربياً.
حتى الآن، لم تنجح محاولات البعض في "تزعّم الطائفة" لأن الأرضيّة الشعبية غير جاهزة لذلك، في حين أن ما لا يُمكن إغفاله في الوقت نفسه هو أن عودة الحريري - إن تحققت - ستكونُ ضربةً لـ"باسيل"، وتأكيداً على أن الأخير لم ولن ينجح في إقصاء أحد مهما تعاظمت المحاولات ومهما تعزّزت الخطوات "البائسة". حتماً، فإن الحريري لم يجرِ نفيُه كما أنه لم يخرُج من لبنان بتمرّد على "الطائف" الذي يتم التركيز اليوم على صونه. وعلى رغم المآخذ السياسية التي قد ترتبط به، فإن الحريري ما زال مطلباً وطنياً من قبل مختلف الأفرقاء، الخصم قبل الصديق، وقد يكون لذلك ارتداداتٌ لاحقة خلال أي عودةٍ مُرتقبة.
واعتباراً من اللحظات الأخيرة للعهد، قد يسعى "الصّهر جبران" إلى تلميع صورتِه من خلال مطالبته بـ"الحوار" مع الآخرين، وهو كلامٌ برز في أكثر من محطّة. كذلك، قد يكونُ الكلام "غير المؤكد" الذي نُقل مؤخراً عن باسيل بشأن الحريري عبر القول إنه "يحبّ الأخير ويتمنى عودته إلى الحكومة"، بمثابةِ "استعطافٍ وتطييب خاطر" ومحاولة لـ"فتح صفحة جديدة".. إلا أنّ ذلك قد يكون بعيد المنال سياسياً، لأن من سعى إلى ضرب مقام رئاسة الحكومة والاعتداء عليها، لن يلجُمَ نفسه عن محاولات إقصاء "الأقطاب" أو التطاول عليهم.. ولهذا، ستكونُ عودة الحريري - إن حصلت - تكريساً لوجود سياسي غير مرتبط بما يقرره باسيل، وسيظهر الأمرُ بمثابة قرارٍ وطني يفتح الباب أمام استقرار لم ينجح الأخير في تحقيقه طيلة العهد، ولو لمرّة واحدة فقط.