وبالفعل فقد اشتهر التفاح اللبناني على المستوى العالمي. وقد واكب المزارعون اللبنانيون تطور هذه الزراعة، واستقدموا الأصناف الجديدة، خصوصا منها الستاركن والغولدن وغرندسميث والغالا وغيرها. وقد رحبت الأسواق العربية المجاورة بالتفاح اللبناني على مدى عقود، مما وفر عيشا كريما للمزارعين، وكان التجار يتسابقون على حجز المواسم قبل موعد القطاف، لأن هذه التجارة حققت لهم أرباحا طائلة، وهي لا تحتاج إلى عناية كبيرة في عملية التصدير، بحيث كانت خطوط النقل البرية والبحرية مفتوحة أمام هذه المنتجات إلى دول الخليج العربي وإلى مصر والعراق والأردن وليبيا.
يواجه مزارعو التفاح اليوم أسوأ أزمة منذ ما يقارب 70 عاما، بحيث تدنى سعر الكيلو إلى ما دون 5 الآف ليرة لبنانية (أي أقل من 0.12 دولار أميركي) وغالبية الإنتاج الذي يجب أن يقطف ببداية شهر أكتوبر، مكدس في البساتين او بالمستودعات، وهو معرض للتلف، لأن البرادات التي كانت تأوي هذا الإنتاج إلى حين ولوج موعد التصدير إلى الخارج، تفتقد للكهرباء الغائبة كليا في لبنان، واستخدام أصحاب هذه البرادات للمولدات الخاصة على المازوت يكبدهم خسائر كبيرة، ويزيد كثيرا من كلفة التفاح قبل تصديره، بحيث يكلف تبريد الصندوق الواحد ما يقارب 4 دولارات، وهو ما يزيد على ثمن محتوياته من التفاح.
الأسواق اللبنانية لا تستوعب أكثر من ربع الإنتاج، وفي هذا العام كان الموسم واعدا، وترى وزارة الزراعة أن المحصول قد يصل إلى حوالي 344 ألف طن، بينما كان في العام الماضي بحدود 200 ألف طن.
أهم أسباب الأزمة الخانقة التي يواجهها التفاح اللبناني هذا العام، هو زيادة كلفة الإنتاج من جراء مضاعفة أسعار المواد المستخدمة في الزراعة من الأسمدة والرش واليد العاملة، وارتفاع كلفة الصناديق البلاستيكية، وتراجع اهتمام التجار الذين يتولون تصدير المنتج إلى الخارج بسبب ارتفاع كلفة الشحن والتخزين، والأهم من كل ذلك، تعثر عمليات الشحن البري عبر الأراضي السورية من جراء ارتفاع كلفة التأمين، وبسبب رفع رسوم المرور. والكبوة الأساسية التي تواجه عملية تصريف جزء أساسي من الإنتاج إلى أسواق دول الخليج العربي، هي بسبب عدم التزام السلطات اللبنانية بالضمانات التي طلبتها هذه الدول، كي لا تستخدم عمليات التصدير لتوريد الممنوعات إلى أسواقها.