الدولة في خدمة المطلوبين، ولكن ليس أي مطلوب، بل وفق «معايير» أهمها أن تكون جيوبهم «مليانة». لا يحتاج المطلوبون من أصحاب الثروات إلى دخول المخافر والسجون التي تُعاني الأمرّين جراء الأزمة الاقتصاديّة، ولا حتى إلى تنفيذ الأحكام القضائيّة الصادرة في حقهم. بجرّة قلم يمكنهم «تنظيف» سجلاتهم العدليّة من بلاغات البحث والتحري الصادرة في حقهم ومن مذكرات التوقيف الغيابية، وحتى من مذكرات صادرة عن الإنتربول.
هذا ما حصل حرفياً في البقاع حيث مرّت عمليّات التزوير هذه بسلاسة وانطلت على المديريّة العامة لقوى الأمن الداخلي، ولم يتم اكتشافها إلا صدفة. فقبل أسابيع، رصد فرع المعلومات أحد المطلوبين من آل المقداد وبدأ عمليّة أمنيّة دقيقة لمراقبة تحرّكاته والقبض عليه في «عمليّة نظيفة». لكن حصل ما لم يكن في الحُسبان. فخلال مراجعة النشرة القضائيّة الصادرة في حقه تبيّن أنّها خالية من أي بلاغات أو مذكّرات توقيف، علماً أن الرجل مطلوب في عدد من الدعاوى وفي حقه مذكرة توقيف من «الإنتربول».
راودت الشكوك ضباط «المعلومات» الذين أجروا تدقيقاً في كيفيّة «اختفاء» البلاغات والمذكّرات من سجل المقداد. الخيط الذي تبعه هؤلاء هو أنّ جميعها نُفّذت في مخفر النبي شيت بموجب محاضر مختلفة، فبدأ الأمنيّون رحلة التوسّع في التحقيقات لاكتشاف ما يجري داخل المخفر.
وأوقفت «المعلومات» المتورطين بعد إحالة الملف إلى المحامي العام التمييزي القاضي غسّان الخوري، وهم 3 موقوفين: رئيس المخفر السابق (مُحال إلى التقاعد) من آل ض. ورتيبَا تحقيق أحدهما من آل ق. وآخر من آل ح، فيما تردّد أن «المعلومات» استمعت إلى إفادة أحد الضباط من دون أن يتم تأكيد توقيفه. ولا تزال التحقيقات مستمرة مع مزيد من العسكريين المشتبه في تورطهم في العملية. "الأخبار"