قبل أيام أصدرت "الدولية للمعلومات" تقريرا تحت عنوان: "70 مليون كلفة التدفئة للوحدة السكنية خلال أشهر البرد"، تحدثت فيه عن وسائل التدفئة المتاحة امام اللبناني في أيام الأشد برودة: أولا، الكهرباء ولا يعتمد عليها في ظل الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي وارتفاع كلفة المولدات (سعر الكيلوواط/ ساعة حالياً نحو 15 ألف ليرة). ثانيا، الغاز وهو ايضاً مرتفع الثمن نحو 350 ألف ليرة لقارورة الغاز وهي عديمة الفعالية في البرد الشديد. ثالثا، الحطب وتصل الحاجة الى نحو 6 طن من الحطب، وتصل كلفة الطن الواحد الى 6 ملايين ليرة أي نحو 36 مليون ليرة في الموسم. ورابعا، المازوت وهي الوسيلة التي يعتمدها أكثرية اللبنانيين لكن كلفتها مرتفعة فإذا ما أعتبرنا أن سعر الصفيحة هو 700 ألف ليرة (كان السعر في العام الماضي 100 ألف ليرة) والحاجة هي الى نحو 100 صفيحة للوحدة السكنية في موسم الشتاء فتكون بالتالي الكلفة هي 70 مليون ليرة في موسم الشتاء.".
مافيات التهريب
الرقم خطير، فكيف يتحضر أهل البقاع لما ينتظرهم، وخصوصاً انهم عانوا من انقطاع المازوت خلال العام الفائت، وأيضا اليوم عاد شح المازوت في المنطقة الى الواجهة وبيع "الغالونات" بطريقة غير شرعية، وماذا عن "حزب الله"، الذي دعم المنطقة في العام المنصرم بالمازوت الإيراني، هل سيكون له مبادرة هذا العام؟.
يصف الدكتور باسم جمعة، من سكان اللبوة البقاعية الاستعدادات هذا العام للشتاء بسخرية، "المضحك المبكي على حالنا وأحوالنا، بعدما وصلنا الى مستويات ما دون الأرض.. وهذه "ميمات" أيلول القاتلة، ويقصد فيها: مونة، مدارس، ومازوت". يتحدث جمعة عن كارثة بانتظار سكان الجبال والمناطق الداخلية، "حتى العائلات الميسورة، أصبحت كلفة المازوت وتأمين بقية مستلزمات العيش ثقيلة جدا عليها، فما بالكم والعائلات الفقيرة. تنكة المازوت اليوم بـ800 الف هذا ان وجدت، ونعلم جميعا مافيات التهريب كيف تنشط في هذه المواسم. أمّا متوسط احتياج العائلة فيصل الى برميل مازوت كل 16 يوماً".
مبادرة "الحزب"
وفي المقابل، عائلات كثيرة في البقاع لا يمكنها أصلا شراء المازوت، كما يؤكد احد سكان بلدة بوداي البقاعية، مشيراً الى انّ البعض ليس باستطاعته حتى "تموين الحطب"، لذا يلجأون الى قص الشجر امام بيوتهم، وحولوا "الصوب" من مازوت الى حطب. ولكن هؤلاء يعولون على "تجربة الحزب" العام المنصرم، ينتظرون مبادرة مرتقبة من "حزب الله" لتوزيع المازوت او الدعم. وبحسب أحد السكان، "السنة الماضية وعلى الرغم من اننا حصلنا على المازوت الإيراني، ولكن كل الكميات لم تكفِ مع اشتداد البرودة، ولكن نأمل انّ الحزب لا يترك ناسه".
وإذ يحذر المعنيون وبحسب المعطيات القائمة من ازمة محروقات مرتقبة وخصوصاً على أبواب الشتاء، حيث الكميات لا تكفي حاجة السوق، تتجه الأنظار في البقاع الي دور "حزب الله" الذي لعبه العام المنصرم جراء توزيع المازوت الإيراني على العدد الأكبر من العائلات في المنطقة. وبحسب مصادر "الحزب" البقاعية فإنّ "الحزب لا يزال يستقدم المازوت، وحتى قبل المازوت الإيراني لم يترك العائلات في البقاع وأمن في العام 2020 المازوت لـ25 الف عائلة وحتى قبل تعاظم الازمة".
وتفيد المصادر بأنّ "الحزب سيعمل حتما ًعلى ملف المازوت تحت الأضواء، سواء عبر المازوت الإيراني او شراء مازوت من السوق وتوزيعه مجاناً على العائلاًت الأكثر فقراً"، "حتما هناك مبادرة" تؤكد المصادر، "وهذه السنة سيوسع الحزب دائرة العائلات المستهدفة ولكن لا تصوّر بعد للآلية التي ستتبع".
والى جانب خيارات التدفئة، يعيش البقاعيون اليوم ايضاً "هم" المونة، سبيلهم الوحيد للمساعدة في تخطي عزلة الشتاء وغدرات "ثلجات" البقاع.