"7ملايين، 10 ملايين"... أرقام تبدأ ولا تعرف طريقها الى النهاية، فعدادات أصحاب المولدات الخاصة المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية أصبحت سيفا مسلّطا على اعناق المواطنين العزل الذين لا حول و لا قوة لهم.
فالمواطن اللبناني الذي وعد بالكهرباء 24/24 ساعة، والذي شاهد عبر شاشات التلفزة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي اعلانات وأفلام قصيرة رصدت لها الاف الدولارت، أخبرته ان لبنان سيدخل عصر الـ "ON"، ويخرج من عصر الـ"OFF"، وجد نفسه في عصر يشبه العصور الحجرية وفي دوامة من الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي الذي ترك أثره على مختلف القطاعات الانتاجية دون اي استثناء.
وفي العصر الحجري الذي يعيشه المواطن اللبناني، ظهر أصحاب المولدات الخاصة الذين راكموا الثروات على مدار سنوات طويلة منذ التسعينيات وحتى اليوم، بمظهر الآمر والناهي الذي يدعو الى التعاطف معه نظرا للخسارات الكبيرة التي يتكبدها بفعل تفلت سعر صرف الدولار في السوق الموازية وبفعل الارتفاع الحاصل في أسعار المحروقات على انواعها.
وفي ظل هذه الصورة، بانت سياسة الترهيب التي يعتمدها أصحاب المولدات تجاه المشتركين على اختلافهم وتنوعهم مستفدين من الغياب شبه التام لمصلحة حماية المستهلك ولوزارة الاقتصاد التي وعلى الرغم من المحاولات الكثيرة التي قامت بها، لم تتمكن من حماية المستهلكين من جشع بعض أصحاب المولدات الخاصة.
وسياسة الترهيب المشار اليها، تم اعتمادها في بداية الازمة الاقتصادية اللبنانية، اي قبل عامين تقريبا من اليوم، واعتمدت انذاك على تهديد المشتركين واخبارهم انه بحال عدم التزامهم بمتطلبات أصحاب المولدات كاملة، فان الكهرباء البديلة التي تصل الى منازلهم ستنقطع.
وبعد نجاح هذه السياسية، وانصياع المواطنين بشكل كليّ الى رغبات أصحاب المولدات، تم التخلي عن مفهوم الترهيب والدخول في حلقة من مخالفة القوانين المرعية الاجراء وعلى عينك يا تاجر.
وفي هذا السياق، يقول مرجع قانوني لـ"لبنان 24" أنه يمكن اختصار المخالفات القانونية التي يرتكبها أصحاب المولدات بالنقاط التالية:
1- اقدام بعض أصحاب المولدات على تحديد قيمة فواتيرهم بالدولار الاميركي، وهذا ما يمكن اعتباره مخالفة فاضحة، اذ ان القانون اللبناني يلزهم التسعير فقط بالليرة اللبنانية.
2- اضافة غرامات مالية على كل من يسدد فاتورته بعد مضي 5 أيام على بداية الشهر، وهنا يقوم أصحاب المولدات بهذه الخطوة تحت ستار التقلب الحاصل في سعر الدولار، لكنها في الحقيقة خطوة غير قانونية وغير اخلاقية في آن معا.
3- التهرّب من تركيب العدادات او الاسراع في اعتمادها: وهنا تظهر مزاجية واضحة تحكمها المصلحة الشخصية لصاحب كل مولد، فاذا رأى الاخير ان مصلحته تقضي بعدم اعتماد العداد يقدم للمشترك الف عذر والعكس صحيح ايضا.
4- عدم اعتماد التعرفة الرسمية التي تصدر عن الوزارة المختصة: وهنا نجد ان الالتزام بالتعرفة الرسمية ضعيف جدا، وذلك بطريقة غير مباشرة وغير علنية ، وعدم الالتزام يتم عبر التلاعب بالعدادات وتحديد قيمة صرف تتلاءم مع الأرقام التي يرغب أصحاب المولدات بجنيها".
وبالاضافة الى النقاط القانوينة المشار اليها، يعتمد أصحاب المولدات سياسة التقنين تحت حجة عدم تمكنهم من تأمين الكمية الكافية من المازوت، والتقنين في أغلب الأحيان يكون عشوائيا ولا يراعي متطلبات الناس واحتياجاتهم.
كما ان أصحاب المولدات دخلوا مؤخرا في بدعة جديدة تكلف المشتركين أموالا طائلة، وتتمثل في تشغيل الأقسام المشتركة في كل بناية لاسيما المصاعد على نظام العداد بعدما كانت تخضع لنظام "المقطوعية"، وهذا ما رفع الفاتورة الشهرية من الـ600 الف ليرة لبنانية كحد وسطي الى ما لا يقل عن 8 ملايين ليرة لبنانية.
كما ان عدوى مخالفة القوانين انتقلت من بعض أصحاب المولدات الخاصة الى بعض الجمعيات الناشطة في القرى والبلدات اللبنانية والتي أخذت على عاتقها تشغيل المولدات الخاصة بتعرفة مخفضة اي انه اذا كانت التعرفة الرسمية 10 الاف ليرة للكيلواط الواحد، يتم احتسابها للمشتركين بـ5 الاف ليرة على سبيل المثال.
وانتقال العدوى، ظهر من خلال اعتماد تعرفة مختلفة لكل مشترك، فتقوم الجمعيات بتصنيف الناس عن غير وجه حق بين مقتدر وغير مقتدر، من دون ان تمتلك المعلومات الكافية واللازمة عن كل عائلة، فيتم الاطاحة بمبدأ المساواة بين المواطنين ويصبح لكل مواطن تعرفة وفاتورة.