«وصل بياع البوظة»، يسبقه زموره الشهير الذي يصدح على طرقات دير سريان والجوار، انه أبو حسين طه، الرجل الستيني الذي قرر اعادة المجد «للبوظجي» الجوال الذي كان يجول القرى على دراجته النارية مطلقاً العنان لزموره معلناً قدومه.
ما زال ابو حسين مواظباً على عمله في اعداد البوظة العربية التي ما زالت «طعمتها» تحت كل لسان كما يؤكد من تذوقها، فهي بحسب الاطفال «اطيب بوظة مناكلها».
قرى دير سريان والجوار تعرف ابو حسين الذي صبغت الشمس وجهه، عادة ما يتحلق حوله الاطفال والكبار لتناول بوظته العربية، فهو اعاد احياء التراث على حد قول احدهم، وهو الذي يؤكد انه ماض في عمله حتى النهاية.
وابو حسين له باع طويل في عمل البوظه، فهو عتيق، يتذكره جيل التسعينات وجيل الالفين وما بعده، كان من اشهر بائعي البوظة الجوالين، كان حينها «بوظة ع أصولها» كما يقول احدهم، غير ان التطور والحداثة سرقا من قيمتها لصالح البوظة الثلج والبوظة العربية «اشكال والوان» التي باتت باهظة الثمن، وبالتالي العودة الى بوظة ابو حسين جاءت بسبب الظروف اولاً، وبسبب «مذاقها الطيب ثانياً» والاهم كما يقول فادي أنها «طبيعية بتاكل وما بتشبع منها».
احد لا ينكر ان الازمة الاقتصادية الراهنة اعادت للقديم مجده، وبوظة العم حسين واحدة من هذا القديم، ويعود السبب وفقه الى بحث الناس عن بوظة طيبة ورخيصة، يحتفظ العم حسين باسرار بوظته، الذي اعتاد اعدادها منذ سنوات خلت، وربما شكل قدومه على دراجته احد اسباب شهرته البسيطة، ما دفع كثراً للبحث عنه، لتناول « كورنيه بوظة».
وفق ابو حسين «الناس تبحث عن البساطة حتى في الاكل، هذه البساطة التي كانت قيمتها كبيرة زمان الثمانينات والتسعينات، حيث كان «بياع البوظة» يبيع الفرح للاطفال، تماما كما يحصل اليوم، كانت البوظة وفق ابو حسين «مصدر بهجة الاطفال، كانوا ينتظرونني لساعات، واليوم المشهد مماثل، كثر ينتظرونني، فهم اشتاقوا للبوظة البسيطة الطيبة»، لا ينكر ابو حسين ان سعرها ارتفع بسبب غلاء المواد الاولية، غير انه ابقى على شعبيتها وارخص من غيرها».
يؤكد ابو حسين قيمة مهنته البسيطة، فهي «مهنة الفرح» على حد تعبيره، ويفرح كثيراً باقبال الناس عليه.
بابتسامته البسيطة وكلمة «كول وادعيلي» يستقبل الاطفال، ويكمن السر في بوظته «بالخلطة السحرية» والتي تختلف كثيراً عن بوظه هذه الايام كما يؤكد اكثر يقول «بوظة زمان ما بيقدر حدا يقاومها».