يهلّل الجميع بالتوقّعات والأرقام الّتي تشير إلى أنّ أكثر من مليون سائح سيأتي إلى لبنان، خلال الصّيف المقبل. كما شدّت القطاعات السّياحيّة والاقتصاديّة الأحزمة، وأعدّت العدّة لاستقبال هذا الكمّ الكبير من السيّاح، وذلك من أجل تقديم أفضل الخدمات لهم. وحتمًا هذا ليس بأمر صعب عليها، فلطالما تميّز لبنان بحسن الضّيافة والنّوعيّة الممتازة الموجودة في المطاعم والفنادق.
من أبرز ما أُعدّ لاستقبال السيّاح، هو "دولرة" القطاع السّياحي.
فمنذ نحو عام، أصدر وزير السّياحة السّابق رمزي مشرفية قرارًا يقضي بالسّماح للفنادق بتقاضي تعرفة الغرف بالدّولار (الفريش) للسيّاح القادمين من الخارج، مع إبقاء التّسعيرة باللّيرة اللّبنانيّة للّبنانيّين والأجانب المقيمين في لبنان.
لم يطل هذا القرار نسبةً كبيرةً من اللّبنانيّين، لأنّ الفنادق لا تُعدّ وجهةً أساسيّةً للكثير منهم.
لكنّ القرار اللافت أصدرته وزارة السّياحة الأسبوع الماضي، والّذي يقضي بـ"السّماح وبشكل استثنائي واختياري، للمؤسّسات السّياحيّة كافّة في لبنان، بإعلان لوائح أسعارها بالدّولار الأميركي، على أن تصدر الفاتورة النّهائيّة مسعّرة باللّيرة اللّبنانيّة والدّولار الأميركي، لغاية نهاية أيلول المقبل". وبرّرت أنّ هذا التّعميم هو الحلّ الوحيد والأمثل في ظلّ تقلّب سعر صرف الدّولار.
بالإضافة إلى الفنادق والمطاعم والمقاهي، نذكر أنّ "بيوت الضّيافة" الّتي يعتبر أصحاب القطاعات السّياحيّة أنّها "غير شرعيّة"، باتت تسعيرتها أيضًا بالدّولار أو على سعر الصّرف.
السّؤال الأبرز هو كيف يمكن التّسعير وفق سعر الصّرف بالسّوق الموازية، الّذي تتحكّم به جهات مجهولة المصدر، وجهات ترفعه وتخفّصه وفقًا لأهوائها؟
اللّبناني مظلوم
كلّ ما تقدّم، لا يمكن النّظر إليه سوى أنّه ظلمٌ لمعظم لبنانيّي الدّاخل، فمن يحصل على راتبه بالعملة اللّبنانيّة، لن يستطيع بعد اليوم ارتياد المطاعم بشكل متكرّر خلال فصل الصّيف.
وهنا، تشكو المواطنة فرح، وهي معلّمة في إحدى المدارس الخاصّة، من القرار الأخير لوزارة السّياحة، معتبرةً أنّه يشرّع القول إنّ "السّياحة في لبنان باتت حكرًا على السيّاح المغتربين والأجانب، بالإضافة إلى من يتقاضى راتبه بالدّولار".
وتضيف: "كنا نفشّ خلقنا نروح عالمطاعم ونغيّر جوّ، اليوم بدنا نعمل 100 حساب قبل ما نروح".
من جهته يسأل رامي، وهو طالب جامعي: "هل ستتمكّن الجهات المعنيّة من ضبط الأسعار ومراقبتها، بعد هذا القرار"؟، مبيّنًا أنّ "الأسعار اليوم تتفاوت بشكل كبير بين مطعم وآخر، مثلًا قد نجد أنّ صحن "التبولة" كلفته 60 ألف ليرة في مطعم ما و90 ألفًا في مطعم آخر، فأين المراقبة؟ ومن يضمن أن تحصل عندما يتمّ التّسعير بالدّولار؟".
أصحاب القطاعات السّياحيّة مرتاحون
بالمقابل، يعتبر أصحاب القطاعات السّياحيّة أنّ هذه القرارات تنقذ القطاع من الانهيار، وتحافظ على اليد العاملة فيه.
من جهة أخرى، برز ارتياحٌ لدى أصحاب المطاعم عقب هذا الإجراء، فهم لن يعودوا مضطرّين إلى تغيير لائحة أسعارهم مع ارتفاع سعر الصّرف أو انخفاضه.
"ما كُتب قد كُتب" وعلى المواطن الّذي يتقاضى راتبه بالعملة الوطنيّة البحث عن أماكن للتّرفيه "باللّبناني" أو مجانيّة، وهذا حتمًا ليس عيبًا. لذا سنعرض في تقارير لاحقة، أفكارًا واقتراحات عن مثل هذه الأماكن، فوسط كلّ ضغوطات الحياة "بحقّ للّبناني ينبسط شوي!".