وأدّت العقوبات الأميركية على روسيا لتسريع رحلة الارتفاع في أسعار النفط، والتي انطلقت بعد أن فشل المعروض في تلبية الطلب مع التعافي مِن تداعيات فيروس "كورونا".
وتزيد مخاطر نقص الإمدادات مع فرض مزيدٍ مِن العقوبات على النفط الروسي، الذي يُشكّل 10 في المئة من الإنتاج العالمي، حسب توقعات المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول المصرية الأسبق، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية".
وخلال الأسبوع الأخير، تحرك سعر التداولات الآجلة لخام برنت صعودًا وهبوطًا حول مستوى 120 دولارًا للبرميل، قبل أن يغلق الجمعة على 120.65 دولارًا، مع اقتراب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من إبرام اتفاقٍ لوقف الاعتماد على الإمدادات الروسية.
ووفق المهندس مدحت يوسف، فإمدادات الطاقة مؤمنة ولا خوف من تأثير ارتفاع الأسعار على تلك الإمدادات، إلا أن محاولات أميركا لوقف إمدادات النفط الروسي هي ما تُثير المخاوف وتُغذّي صعود الأسعار، خاصةً أن روسيا هي أكبر منتج للنفط عالميًّا.
وأوضح أن عزل النفط الروسي يحتاج إلى توفير إمدادات موازية، وهو أمر صعب على المدى القصير مع علاقة روسيا بتحالف "أوبك+" والذي يضمن استقرار الإمدادات.
وظلت أسعار النفط تحوم حول ذلك المستوى صعودًا وهبوطًا، إلى أن أعلنت واشنطن أنها تدرس مع حلفائها الأوروبيين حظر استيراد النفط الروسي وتأخّر التوصّل لاتفاق مع إيران، فقفزت أسعار النفط لأعلى مستوياتها منذ 2008 وسجّل خام برنت 139.11 دولارًا، قبل أن يفقد بعض المكاسب ليسجّل عند التسوية 124.71 دولارًا.
وبعد 30 يومًا على الحرب، وبنهاية تعاملات الجمعة 25 آذار، ارتفعت أسعار النفط الخام أكثر من واحدٍ في المئة إلى أكثر من 120 دولارًا للبرميل بعد إقبال التجّار على عمليات شراء إثر هجوم صاروخي على منشأة لتوزيع النفط في السعودية، لكن احتمال سحب الولايات المتحدة من احتياطيات النفط هدأ مخاوفهم.
وارتفع خام برنت عند إغلاق الجمعة 1.62 دولارًا أو 1.4 في المئة إلى 120.65 دولارا للبرميل، كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.56 دولارًا أو 1.4 في المئة إلى 113.90 دولارًا. وحقق الخامان القياسيان أول ارتفاع أسبوعي لهما منذ ثلاثة أسابيع، وارتفع خام برنت أكثر من 11.5 في المئة وغرب تكساس الوسيط 8.8 في المئة.
وأعلنت السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، أنها لن تتحمل مسؤولية أي توقف لإمدادات النفط إذا ما استمرت هجمات الحوثيين عليها.
توقّعات تتحقّق
مع بداية الأزمة في أوكرانيا، قال بنك الاستثمار غولدمان ساكس، إن الخام القياسي العالمي سيرتفع متجاوزًا مستوى 115 دولارًا "مع مخاطر صعودية كبيرة".
وأضاف، في تقرير توقعاته الشهرية، أن تراجع الطلب هو الوحيد الذي يمكن أن يوقف هذه الارتفاعات، وهو ما لم يحدث، وتجاوز النفط هذا المستوى بنحو 5 دولارات.
والأسبوع الماضي، توقعت مجموعة "ترافيغورا" أن أسعار النفط الخام ستستمر في الارتفاع، ومِن المحتمل أن تبلغ 150 دولارًا في الصيف.
كما توقعت شركة "فيتول"، تاجر الطاقة العالمي، أن يتجاوز الطلب في 2022 مستويات ما قبل أزمة "كورونا".
ونقلت وكالة "تاس" للأنباء عن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، الاثنين الماضي، قوله إن أسعار النفط قد تبلغ 300 دولار للبرميل إذا حظر الغرب شراء الخام الروسي.
وبشأن توقعاته لأسعار النفط، يرى مدحت يوسف أن الأسعار خاضعة للتوتر، لكن أي تهدئة للأزمة الأوكرانية ستهبط بالأسعار كما حدث مع بَدء المفاوضات بين الجانبين حينما انخفض النفط إلى 98 دولارًا.
وحذّر مِن أن تؤدّي قفزة أسعار الطاقة لتسارع وتيرة التضخم، وهو ما يؤدّي إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي مجددًا، وبالتالي تحجيم مكاسب النفط نسبيًّا مع تراجع عمليات الإنتاج.