وبعد أن أصبح توفر التيار الكهربائي يقتصر على ساعة واحدة يوميا، وفي أفضل الأحوال ساعتين، تراجعت جودة الاتصال بشبكة الإنترنت، في وقت ازدادت فيه حاجة الناس إليها، نظراً إلى اعتماد الكثيرين على العمل عن بعد خلال جائحة كورونا.
داخل أحد مقاهي شارع بدارو في شرق العاصمة بيروت، تختلط أجهزة شحن الهواتف والحواسيب الآلية، بالفناجين والأكواب ودفاتر الملاحظات على الطاولات الواسعة، وتخيم الموسيقى الهادئة وأغاني فيروز على المكان، الذي هو أقرب إلى أجواء مكتبة جامعية من مقهى، ليصبح مكانا يقبل عليه اللبنانيون أكثر فأكثر، هربا من تداعيات الأزمة الاقتصادية.
تتردد الطالبة غنوة (22 عاما) على المكان يوميا، متأبطة حقيبة كتبها وحاسوبها، متخذة من إحدى زوايا المقهى مكانا للقراءة ولتنجز منه عملها اليومي عن بعد، لصالح منظمات غير حكومية.
وتقول غنوة لموقع "سكاي نيوز عربية": "أُجبرت على ذلك بسبب الانقطاع شبه التام للتيار الكهربائي العشوائي. هنا أستفيد من مقومات الراحة المتوفرة، وكذلك من خدمة الإنترنت".
من جانبها، تقول مديرة مقهى في الشارع المحاذي للجامعة الأميركية في بيروت، وتدعى نهال، لموقع "سكاي نيوز عربية": "معظم الطلاب يأتون يوميا إلى المقهى في أوقات متفاوتة، لخصوصيته الثقافية وقربه من المكتبات".
وتتابع: "ربما نحتاج المزيد من المراجع والكتب، في وقت فقد لبنان كثيرا من الأماكن الثقافية".
وعلى بعد بضعة خطوات في شارع الحمرا، ثمة مقهى تمتلئ رفوفه بالكتب، بعد أن قسمه صاحبه إلى زوايا خشبية ووضع فواصل بين الكراسي، تأمينا للهدوء المطلوب من رواد المقهى.
ويقول نعيم، وهو موظف في إحدى الشركات، وطالب وباحث جامعي: "هنا أنجز أبحاثي وأتواصل مع الشركة مقر عملي، كوني لا أتمكن من القيام بكل ذلك في المنزل بسبب عدم توفر التيار الكهربائي وقت أشاء، إضافة إلى الخدمة التي تمنحني فنجان القهوة والطعام إذا دعت الحاجة".
جارة المرفأ
وتوضح عاملة في أحد المقاهي في شارع مار مخايل، لموقع "سكاي نيوز عربية"، فتقول: "نحن هنا بجوار مرفأ بيروت توقفنا لعام بسبب الأشغال التي تلت انفجار المرفأ المشؤوم، ومن ثم عدنا، لكن تغير طابع المكان بسبب أزمة الكهرباء والأزمات المتلاحقة".
وتضيف: "أصبح الزبائن خلال الأزمة والجائحة، يخصصون الجزء الأكبر من وقت تواجدهم في المقهى، للعمل، ويفضلون المكان الذي يوفر لهم أكبر قدر من الراحة، لذا قررت الإدارة أن تخصص صالة مذاكرة، تضم طاولات كبيرة ".
وتقول الطالبة فداء التي كانت تجلس في أحد مقاهي شارع الحمرا: "أستطيع أن أرى كل شيء من حيث أنا جالسة، وأراقب المارة في الشارع، لأنني في مكان تتوفر فيه الخصوصية ويتيح لي العمل والإنتاج في الوقت ذاته".
من جانبه، يصف أحمد نفسه بأنه "شخص منفتح اجتماعيا ويهوى لقاء الناس والتحدث معهم"، لذلك يتردد على مثل هذه المقاهي، فيما يقول جوزيف إن اللجوء إلى المقاهي اليوم "يعكس قدرة اللبناني على الصمود والاستمرار".
ويستطرد: "نحاول الهروب من الوضع الصعب، من خلال الخروج من منازلنا ومقابلة الناس، والعمل من المقهى، فهو المتنفس الوحيد حاليا".