كتبت فاتن الحاج في "الأخبار" في اليوم الأول للعودة إلى الصفوف، بعد قرار الهيئة الإدارية لرابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي فك مقاطعة العام الدراسي ورفع الغطاء النقابي عن الأساتذة، لم تنتظم الدراسة في عدد كبير من الثانويات الرسمية. وتفاوتت نسبة الحضور بين ثانوية وأخرى تبعاً لسلطة المدير على الأساتذة. ففي بعض الثانويات لامست نسبة الالتحاق 80 في المئة، فيما لم تفتح ثانويات أخرى أبوابها، وبعضها اكتفى بفتح أبوابه أمام طلاب صفوف الشهادات الرسمية فقط. بعض المديرين اتفقوا، استجابة لإملاءات حزبية، على العودة منذ الاثنين الماضي بمعزل عن قرار الرابطة، ولم يتردد كثيرون منهم في ترهيب الأساتذة "المقاطعين" بإلغاء حصصهم في التنسيق والنظارة والمكتبة والمختبر والإرشاد الصحي من نصابهم الأسبوعي، وإعطائها إلى أساتذة آخرين من «العائدين»، فضلاً عن وضع برامج يومية معقدة لهم بشكل يلزمهم البقاء نهاراً كاملاً داخل الثانوية أو العودة إليها مرتين. هذا الواقع ترك حالة توتر بين الأساتذة من جهة، وبينهم وبين الإدارة من جهة ثانية.
لا إحصاء دقيقاً لنسبة "المقاطعين" أو "العائدين"، لكن منهم من وصف العودة أمس بـ"العرجاء" و"المتعثرة" و"المذلة"، ومن المديرين من بدا مطمئناً إلى أن العملية التعليمية ستنتظم الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، مراهناً على ضعف الحركة الاعتراضية في صفوف الأساتذة.
في هذه الأثناء، نفذت أمام وزارة التربية وقفة احتجاجية رمزية على خرق الهيئة الإدارية للرابطة للأصول النقابية و"كسر إرادة الأساتذة وإهانتهم مقابل عطاءات هزيلة وضحلة للدول المانحة والحكومة، ومصادرة قرارهم وعدم تمثيلها لحقوقهم ومصالحهم".
وبحسب مصادر المشاركين، "لم تدعُ للوقفة أي من الجهات النقابية المعارضة، إنما تداعى عدد من الأساتذة الثانويين بصورة عفوية للاعتراض على البيانات التعسفية للهيئة والضرب الممنهج للوظيفة النقابية للرابطة". ورأت المصادر أن "المشهد النقابي المعيب" ليس في ما تحدثت عنه الهيئة في بيانها الأخير عن طريقة تفاعل الأساتذة مع قرار فك المقاطعة، بل المعيب هو "سوق الأساتذة رغماً عنهم إلى الصفوف والتنكر للمأساة الاقتصادية التي يعيشونها والتسلط عليهم". وأكدت المصادر أن تحركات الأساتذة لن تكون تنفيسية على غرار "يوم الغضب" الذي تنفذه الرابطة لمرة واحدة ثم تعود أدراجها، "وستكون هناك سلسلة من الخطوات ستتخذ أشكالاً مختلفة مثل إطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لاجتذاب الإعلام وإيصال قضيتنا إلى الرأي العام والمتمثلة بأحقية مطالبنا وعدم قدرتنا على تأمين أدنى مقومات العيش، والدفاع عن الصورة الرمزية والمعنوية للأستاذ التي هشّمتها السلطة والتي تصوّر الأستاذ على أنه كائن غير منتج وهاوي تعطيل وأخذ حقوقه من دون أن يعمل، وتصوير الأمر وكأن وزارة التربية حريصة على إنجاح العملية التعليمية، فيما الأستاذ لا يكترث لذلك".